قصتى.......
دائما فى عتمة الليالى يظهر النور .... لقد خرج نجم فى السماء .... واذا النجم يليه نجم .
يليه نجم ثلاث نجوم تتلأ لئلأ فى سمائى ...
أمعن له الاستماع .. ويألمنى كونه سيرحل ... لكنى عاهدت نفسى , ان أكون سمعه وقلبه ويده ...ولم ابخل عليه بشيء .. عامان وربما اكثر منحته قلبى وعقلى , شيء فى داخلى ..يقول انه مغادر ..القى على قلبى محبته ..عامان كان فى حضن الحضن من قلبى.. تنقلب الامور فيقرر المغادرة .. قد تكون المؤامرة ااطاحت به وطلب منى المغادرة بأدب ... فلم ارفض لانى خلقت فيه رجلا منذ كان صغيرا ,واجزم انه تغلب على معلمه .. اصبح قلعة يصعب على احدا فى الكون اختراقها.
لم تنقطع عنى اخباره ويقطع عنى اتصالاته ,كنت مصر على معرفة كل جديد عنه يؤلمنى لو شعرت بنفسى قصورا اتجاهه ....
جائنى مرهولا لمكان العمل الخاص بى ..المكان الذى شاركنى فيه كل لحظاته الرائعة ,يتلهف يسألنى شو عايز اعملك فبدأ يخط بأنامله الطاهرة عنوان .. انا مغادر بعد ثلاث ايام .. حزنت وانا الذى اتقنت صياغة الرجولة فى اعماقه اعرف انه الفدائى الصغير ... الذى تمترس بحب وطنه الذى اسنشق عبيره منذ صغره .. سألته لما الاستعجال .. فبهدوء يقول لا انا مش مستعجل ...الان عرفت سر استعجاله ... يغادرنى الان ليبدأ فى وداع اهل الحارة واحد واحد والكل يستغرب لكنى الان عرفت وعرفوا سر وداعه لهم ..ثم يعود عندى اخذته للمكان الذى نشاء به ليجد احبابه تجمعهم الصدفة فى وداعه الاخير , ليبدأ المزاح والضحك وحكاياته عن فن المقاومة وقتل المحتل , وكيف انهم جبناء .. يستطرد ليروى حلمه قبل الرحيل .. يمازح رأيت جدتى ,الكل ينظر اليه باستهجان , فجدته فى رحاب الله ...يسالونه كيف ومتى , فيقسم انه رآها تحمله فى يدها .. والقمر فوق رأسها منير فى تمام بدره ... هو يغادرنا .. كنت اعلم .. الان يستطرد ويطلب لنفسه من احد اقارب ابيه ان تزوجه ... فيسكت الكلام ... الحور تناديه لم تكتب له فى دنياه ... يغادرنا الى بيته ويظهر انه قرر يغادرنا ... ليجمع كل اصحبه الاقرب له .... ليطلعهم على سر غيابه عنهم بالساعات وبالايام احيانا ... كنت اتربص بهم وارتقب ساعة الفداء ... يخاطبه صحبه ان الاجواء راكدة والوقت غير مناسب ... لكنه يصر ان الوقت بيد الله .
لم يكن ليترد كونه يعلم ان الشهادة فى سبيل الله لاتقاص بالوقت والثمن يقسم انه اليوم سيثأر لكل قطرة سالت من دماء شعبه .. يغادرهم فى اليوم الثانى وهم راضون عنه .. ليقول اما حياة تسر الصديق واما ممات يغيض العدى... انتظرت ان اسمع منه اى اتصال لكنه خرج فى يوم الاثنين ... صائما طائعا ممتشقا سلاحه وقنابله ليكون الفدائى الاول الذى اثبت للعدو ان خير وسيلة للدفاع هى الهجوم .... ليخرج معه احد المرافقين ... يغادر وهو يصر ان هذا اليوم يومى فقط ... لانه واعد القمر وواعد الحور ..
انى آتيكم وحيدا .. فيصر على عودة مرافقه فى الشهادة ويثبت قلبه بآيات الله ..............
من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ..
فيصر صديقه على المضى معه الا انه رفض ,فتسلق الجدار والقى له زميله السلاح ليصبح الامر واقعا ليقول لزميله اليوم يومى انا فأرجع ولا تزعلنى ... فيرجع الفدائى الثانى ... ليسمع بأذنيه قوة الاشتباك وروعة الملحمة التى خاضها الشهيد , ليصدق وعده مع ربه واخوانه الذين سبقوه ... انى معكم اليوم مات وهو قابض على سلاحه ..
وعلى هذا الشهيد الفتى كرامات حيث لحق به من الشهداء فى غزة اكثر 145 شهيد جلهم عرفوه وشاركوه وهو الان فى رحاب الرحمن وانشاء الله مع الحور العين ......
قال تعالى <ولاتحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله امواتا بل احياء عندربهم يرزقون>صدق الله العظيم..
